fbpx
أخبار

صحة الفم أثناء الحمل

أبريل 30, 2019

من الممكن أن تؤثر التغيرات الهرمونية أثناء فترة الحمل على اللثة والأسنان، ولهذا يجب أن نولي صحة الفم عناية خاصة خلال هذه المرحلة. يزداد إفراز الهرمونات في هذه المرحلة عن المعدلات الطبيعية، كزيادة إفراز هرمون «الاستروجين» بمعدل 30 مرة و«البروجستيرون» بمعدل 10 مرات، مقارنة بما يحدث في الدورة الجنسية الطبيعية للمرأة. تبدأ أعراض وعلامات الالتهابات بالظهور في الشهر الثاني من الحمل، وتبقى أو تزيد خلال الثلث الثاني. وتشتد هذه الالتهابات وتصل ذروتها في الشهر الثامن، ثم تتراجع في الشهر الأخير وتخف بعد الولادة.

النسيج اللثوي (أو اللثة) هي المنطقة الأكثر عرضة لظهور الالتهابات. وتصاب الحامل بما يعرف بالتهاب اللثة الحملي، ومن أبرز أعراضه تضخم اللثة واحمرارها وسرعة النزيف. وتعاني تقريبًا سيدة واحدة من بين كل 10 سيدات حوامل مصابات بالتهاب اللثة من الورم الحبيبي الذي يصيب أنسجة اللثة ويسبب تهيجات موضعية. ورغم كل هذه التغيرات في الأوعية الدموية، تظل اللويحة السنية العامل الأساسي في الإصابة بالتهاب اللثة.

اللويحة السنية أو (البلاك) هي عبارة عن طبقة من البكتيريا تتراكم على سطح الأسنان وتعيش بالتغذي على الركائز الموجودة في الفم. وهي سبب في الإصابة بتسوس الأسنان والتهابات اللثة وأمراض دواعم الأسنان.

تشير العديد من الدلائل العلمية إلى أن سوء نظافة الفم قبل فترة الحمل وأثناءها هو العامل الرئيسي المهيّئ للإصابة بكل هذه الأمراض. كما تشير دراسات إلى أن 18% من حالات الولادة المبكرة يمكن تبريرها بوجود أمراض دواعم الأسنان ويعتقد أن 30% إلى 50% منها ناجمة عن الإصابة بالعدوى.

وفي المقابل، تعد مقدمات الارتجاع (ما قبل تسمم الحمل ويتسم بارتفاع ضغط الدم الشرياني وظهور البروتينات في البول) من الأسباب الرئيسية لوفيات وأمراض الأمهات وحديثي الولادة. وتوجد هذه العلاقة بإسبانيا في 1% إلى 2% من حالات الحمل. النساء المصابات بأمراض دواعم الأسنان أثناء الحمل تكن أكثر عرضة للإصابة بمقدمات الارتجاع عن غيرهن من صاحبات اللثة الصحية بمعدل 5 أمثال؛ و4 إلى 7% منهن يتعرضن للولادة المبكرة. وتعتبر هذه الأمراض من الأسباب الرئيسية لولادة أطفال تقل أوزانهم عن 2.5 كجم. لذلك، يجب علينا إدراك أن أفضل حل لمشاكل اللثة وظهور التسوس هو العلاج الوقائي.

تتعرض جميع النساء الحوامل لهذه التغيرات الفسيولوجية، ولكن لا تُصاب جميعهن بهذه الأعراض. ويعود ذلك جزئيًا إلى الاستعداد الوراثي عند كل امرأة للإصابة بأمراض معينة أو مقاومتها، فضلًا عن العناية اليومية بنظافة فم المرأة الحامل.

الأسئلة الشائعة:

هل يسرق الجنين الكالسيوم من جسم الأم وتفقد هي أسنانها بسبب ذلك؟

أولاً، يجب أن نفهم أن رباط دواعم السن هو ما يثبت الأسنان على عظم الفك (الفك السفلي) وهو المسؤول عن تثبيت السن داخل اللثة.

يفرز الجسم في مرحلة الحمل هرمون «الريلاكسين» الذي يساهم في استرخاء مفاصل الحامل لتسهيل عملية الولادة. وتشير بعض الدراسات إلى إمكانية تأثير هذا الهرمون على رباط دواعم الأسنان، مما يسبب حركة طفيفة في الأسنان تسهّل دخول بقايا الطعام وتراكم بكتيريا اللويحات السنية بين اللثة والسن مما يؤدي للإصابة بالتهابات. ولا تتسبب هذه الحركة بفقدان الأسنان ولا تتطلب علاجًا، لأنها تخف بعد الولادة.

الحمل لا يسبب فقدان العظام، فالكمية الإجمالية التي يحتاجها الجنين من الكالسيوم والفسفور أثناء الحمل لا تمثل سوى 1/50 فقط من الكمية الموجودة في عظام الأم. ولهذا لا يتأثر جسد الأم كثيرًا من هذه الناحية. وهناك اعتقاد خاطئ منتشر عالميًا بأن الأم تفقد أثناء الحمل سنًا أو أكثر لأن الجنين يسرق الكالسيوم من جسدها. وما يمكننا تأكيده هو أن هناك تغيرات تحدث أثناء فترة الحمل في أنسجة الفم وفي العادات يمكنها أن تؤدي للإصابة بأمراض الفم أو تفاقم الموجود منها، مما يزيد من تسوس الأسنان. لكن الدراسات أثبتت أن الأسنان لا تفقد المعادن في هذه الحالة، على عكس الهيكل العظمي. تحتفظ مينا الأسنان بمحتواها المعادن طوال الحياة، فهي تفقد المعادن بطيء شديد. وأكثر الضرر الذي تصاب به المينا يحدث بسبب استبدال المعادن بتلك الموجودة في اللعاب وليس بسبب نقص الكالسيوم. وفي هذا السياق، تقول الدراسات إن أنسجة الأسنان لا تفقد الكالسيوم على الرغم من أن المرأة الحامل تزيد حاجتها إلى الكالسيوم بنسبة 33% مقارنة بالنساء غير الحوامل.

– «هل لدينا قابلية أكبر للإصابة بتسوس الأسنان؟»

تبدأ المرحلة الأولى لتسوس الأسنان من اللويحة السنية، التي ذكرنا سابقًا أنها عبارة عن تراكم العديد من البكتيريا التي تتغذى على الكربوهيدرات أو السكريات الموجودة في الفم، ومنها تتكون الأحماض التي تعد السبب الرئيسي لتسوس الأسنان خاصة حمض اللبنيك والإنزيمات المحللة للبروتين. وفي كل مرة يدخل السكر للفم، تهاجم الأحماض مينا الأسنان لمدة 20 دقيقة تقريبًا، أي أن هجوم الأحماض لا يحدث إلا في الوقت الذي يوجد السكر فيه. وهذا معناه أن ما يسبب التسوس ليس كمية السكر بل هو وتيرة استهلاكه. فإذا لم تستطيعي تنظيف أسنانك بالفرشاة بعد الأكل، فننصحك بمضغ العلكة الخالية من السكر للحد من هجوم الأحماض، ولكن لا غنى عن تنظيف الأسنان بالفرشاة للنظافة اليومية.

النساء أكثر عرضة لتسوس الأسنان أثناء فترة الحمل، فالتغيرات في إفراز اللعاب والنبيت الجرثومي الفموي، والنظام الغذائي وغيرها من الأمور هي عوامل تساعد على الإصابة بالتسوس. ويتغير تكوين اللعاب خلال هذه الفترة، فتقل درجة حموضة اللعاب والقدرة على تنظيم الأحماض التي تنتجها البكتيريا مما يجعل الفم بيئة مناسبة لظهور التسوس.

ولا يمكننا تجاهل أن بعض النساء في هذه المرحلة يغيّرن عاداتهن في تناول الطعام (مع الرغبة الشديد في تناول الطعام الحلو) وأنماط الحياة أيضًا (أي قلة تنظيف الأسنان بالفرشاة بسبب الغثيان الذي تسببه هذه العادة)، وكل هذا يسهم في تراكم بكتيريا اللويحة السنية على سطح السن. ومع تفاعل كل هذه العوامل مع بعضها، نصاب بتسوس الأسنان. وفي بعض الحالات، يتسبب التسوس بموت السن وتصل العدوى إلى العصب فيصاحبها ألم شديد يستدعي إجراء الحشو.

– “هل التقيؤ أثناء الحمل يضر بالأسنان؟

التقيؤ المفرط (نتيجة الوحم) والأحماض المعدية يمكن أن يسبب تآكل الأسنان الذي يؤدي إلى فقدان المعادن من الأسنان وتحفيز التسوس. كما يمكن أن يؤثر على اللثة أيضًا. ينبغي إبلاغ طبيب الأسنان بهذا العرض ليضع الفلورايد على الأسنان أو يصف للمريضة معجون أسنان يحتوي على الفلورايد وغسول فم للوقاية من هذه المشكلة. ونوصيكِ بعدم تفريش الأسنان مباشرةً بعد التقيؤ، إذ إن ذلك سينشر بقايا الأحماض في جميع أنحاء الفم وسيؤدي إلى تآكل الأسنان. ويفضل المضمضة جيدًا بعد التقيؤ بفترة لإزالة أي أحماض باقية في الفم.

– “ماذا ينبغي لي فعله إذا أصبت بمرض في الأسنان أثناء الحمل؟”

ينبغي التقليل من علاجات الأسنان خلال الثلثين الأول والثالث من الحمل إلى الحد الأدنى، وينصح بزيارة طبيب الأسنان خلال هاتين الفترتين للوقاية من اللويحات السنية والعناية بصحة الفم العامة. أما الثلث الثاني فهو الفترة الأكثر أمانًا لعلاج الأسنان بانتظام، والمهم خلالها هو تجنب الإصابة بالأمراض الدائرة. وينبغي علاج أي سبب من أسباب العدوى قبل الحمل نفسه كلما أمكن ذلك. ولكن إذا ظهرت العدوى، فيجب معالجتها بالتدابير المناسبة لكل فترة من الحمل.

وإذا أصيبت السيدة الحامل بتسوس الأسنان، فيجب أن تخضع للعلاج للتخلص منه. ولا يُعتبر علاج التسوس لمصلحة الأم فقط، بل هو أيضًا للوقاية من العواقب التي قد تصيب الطفل القادم؛ فقد أظهرت دراسة أجريت في فنلندا أن الأمهات اللاتي عالجن تسوس أسنانهن أثناء الحمل انخفض معدل إصابة أطفالهن بتسوس الأسنان اللبنية، على عكس أطفال الأمهات اللاتي لم يتلقين أي علاج. وهذا يثبت أن علاج الأسنان أثناء الحمل يمكن أن يؤثر على احتمالات ظهور التسوس في الأسنان اللبنية عند الطفل، ربما نتيجة لانتقال آليات المناعة في المشيمة.

– “هل علاج الأسنان تحت تأثير التخدير آمن؟”

الليدوكائين (وهو المخدر المستخدم في علاج الأسنان) آمن لك ولطفلك.

في دراسة أجريت بأغسطس من عام 2015 ونُشرت في دورية الجمعية الأمريكية لطب الأسنان، تمت متابعة مجموعة من النساء الحوامل اللاتي خضعن لعمليات تحت تأثير المخدر كحقن الليدوكائين وأخريات لم يخضعن لذلك. وبحسب هذه الدراسة، فإن هذا الشكل من العلاج آمن لأنه لا يسبب فرقًا في معدلات الإجهاض أو العيوب الخلقية أو الولادات المبكرة أو أوزان الأطفال. ويقول مؤلف الدراسة الدكتور “هاجاي”: ” لم تكشف دراستنا عن أي دليل يشير إلى أن علاج الأسنان تحت التخدير ضار أثناء الحمل. كان هدفنا معرفة ما إذا كانت هناك أي مخاطر مرتبطة بالعلاج تحت التخدير ونتائج الحمل، ولكننا لم نكتشف عن وجود أي منها”.

– “هل الكلورهكسيدين آمن لعلاج أمراض دواعم الأسنان/ التهابات اللثة؟”

يجب أن يكون استخدام الأدوية في فترة الحمل تحت إشراف الطبيب المختص بالكامل. ولكن الكلورهكسيدين تحديدًا في أي شكل من أشكاله (سواءٌ معجون أو جل أو غسول) آمن تمامًا ويمكن استعماله أثناء الحمل إذا استدعى الأمر؛ فهو لا يحتوي على مركبات صناعية تمتص ويقتصر تأثيره المضاد للبكتيريا على الفم وحده.

“هل إجراء أشعة سينية على الأسنان آمن أثناء الحمل؟”

نعم، الأشعة السينية على الأسنان آمنة أثناء الحمل، ولكن يجب تجنب الفحص الروتيني بالأشعة. قد تكون أشعة الأسنان ضرورية في حالات طارئة، عندها لا بأس بإجرائها مع اتخاذ تدابير الحماية اللازمة. أشعة الأسنان ليست ممنوعة أثناء الحمل لأن الجنين لا يتعرض إلا لقدر ضئيل جدًا من الاشعاعات، لذلك ليست هناك مخاوف من الإصابة بالإمساخ (العيب الخلقي أثناء الحمل) نتيجة التعرض لهذا النوع من الأشعة.

سيقوم طبيب الأسنان أو المساعد الصحي بتغطيتك بمئزر واقٍ يقلل من تعرض البطن للأشعة، ولهذا، من المهم إخبار الطبيب بالحمل قبل ذلك لاتخاذ جميع الاحتياطات اللازمة، حيث إن إجراء فحص الأشعة لن يتم إلا إذا كان ضروريًا للغاية. ولا يجرى الفحص بالأشعة السينية على جميع المرضى، وخاصة الحوامل، إلا بعد الأخذ بعين الاعتبار مخاطر التعرض للأشعة وفائدتها في تسهيل عملية التشخيص.

– “متى أبدأ بتفريش أسنان طفلي؟”

يُوصى بتنظيف الأسنان بمعجون بالفلورايد مرتين في اليوم على الأقل منذ أول بزوغ للأسنان عند الطفل. ويُنصح بمسح فرشاة الأسنان بكمية ضئيلة من معجون يحتوي على 1000 جزء في المليون من الفلورايد للأطفال الذين تقل أعمارهم عن سنتين، أي ينبغي أن تكون الكمية بحجم حبة الأرز. وكمية بحجم حبة البازلاء من معجون تحتوي على 1000-1450 جزء في المليون من الفلورايد للأطفال بين 2-6 سنوات، أما الأطفال فوق 6 سنوات فيستخدم معجون يحتوي على 1450 جزء في المليون من الفلورايد على فرشاة بمقاس 1-2 سم. ولا يستخدم غسول الفم إلا بعد تجاوز الطفل الست سنوات، مع الحذر من ابتلاعه، فعلى الطفل أن يبصقه كله بعد المضمضة. ويُوصى بزيارة طبيب أسنان الأطفال لأول مرة من هذا العمر، لأن الطفل يبدأ بفقدان الأسنان اللبنية لتظهر مكانها الأسنان الدائمة. وعلى أي حال، عندما تلاحظين وجود أي مشكلة في فم طفلك أو ظهور التسوس أو كانت لديك شواغل تتعلق بالعناية بصحة طفلك الفموية، فسارعي بزيارة طبيب الأطفال ولا تنتظري حتى يبلغ 6 سنوات.

خاتمة عن العناية بالفم في فترة الحمل:

الهدف الأهم هنا هو الحفاظ على فم صحي يتمتع بأعلى مستوى من النظافة الفموية.

جميع النساء الحوامل معرضات لحدوث تغيرات في أجسادهن، ولكن هذا لا يعني أن جميعهن يصبن بالأعراض والأمراض التي وصفت هنا. يساهم تنظيف الأسنان المنتظم بالفرشاة، مع العناية الجيدة بنظافة الفم والنظام الغذائي والحرص على إجراء فحوصات فموية دورية، في التقليل من هذه الأعراض أو السيطرة عليها. وهذا يجعلنا نستنتج أن حالة الحمل تؤثر على حالة الفم وصحته، وأن الأسنان وأنسجة دواعم الأسنان والغشاء المخاطي الفموي هي الأكثر عرضة للتأثر بهذه الحالة.

تنظيف الأسنان بالفرشاة بمعجون الفلورايد مرتين في اليوم على الأقل وتنظيف ما بين الأسنان يوميًا مرة واحدة على الأقل هما العاملان الأهم لتجنب الإصابة بتسوس الأسنان والتهابات اللثة. وعلى النساء اللاتي لديهن قابلية أكبر للإصابة بتسوس الأسنان وأمراض اللثة استخدام غسول الفم بالفلورايد ومضادات الميكروبات.

وننصح بزيارة طبيب الأسنان خلال فترة الحمل مرة واحدة على الأقل للتخلص من اللويحات السنية وتجنب التهابات اللثة. كما يُنصح بإزالة الترسبات الجيرية وتنظيف الفم واستخدام الفلورايد لمنع التسوس وتقليح الأسنان وكشط الجذور، ولا بأس بها عند الضرورة.